بسم الله الرحمن الرحيم
سيرة اشرف الخلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ( الجزء الرابع )
اليوم نستكمل ما بدأناه من مقتطفات من السيره المحمدية السيرة الذكية
" غزوة أُحد "
بسم الله والحمد لله ولا إله إلا الله المعبود الواحد الاحد فكل الخلق مفتقر الي الله محتاج الي ما عنده وهو الغني عنهم جميعاً فقد اوجب الله سبحانه وتعالي الدعاء فقال تعالي " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ( غافر60) .
ونصلي ونسلم علي رسولنا الكريم المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد النبي المليح صاحب المقام الأعلي واللسان الفصيح وعلي اله وصحبه وسلم اجمعين الي يوم الدين .
بعد النصر في غزوة بدر وبدايه غزوة احد :-
رجع النبي منتصراً من عزوة بدر رافع راية لا إله الا الله محمد رسول الله بعدما سحق الكفار في بدر وايده الله بجنود لم يروها وكان النصر المؤزر ورجع ابو سفيان الي مكه واخذ يجمع الناس ويقول " لعلنا ندرك منه بعض ما اصاب منا " واجمع ابو سفيان قريش بكل من فيها حتي احابيشها ونسائها حتي نزلوا بعينين جبل علي حدود المدينه وكانوا ثلاثة الآف رجل .
وعَلِمَ رسول الله صلي الله عليه وسلم بخروجهن لقتاله فشاور اصحابه في الامر واشاروا عليه بالخروج لهم وألحوا عليه وبعضهم اشارَ بالمقام في المدينة فنهض ودخل بيته ولبس لآمته وخرج عليهم قالوا يا رسول الله ما نود ان نخالفك فلنمكث في المدينة فقال صلي الله عليه وسلم " ما ينبغي لنبي اذا لبس لآمته ان يضعها حتي يحكم الله بينه وبين عدوه " ( اخرجه احمد ) .
الاستعداد لغزوة احد :-
وخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم في الف من الصحابه وترك ابن ام مكتوم بمن بقي بالمدينة وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد رأي رؤيه " رأي ان في سيفه ثمله ورأي ان بقر تذبح وانه ادخل يده في درع حصينه " قالوا وما اولتها يا رسول الله قال رجل يصاب من اهلي بيتي ونفر من اصحابي يقتلون .
فلما خرجوا وكان يوم جمعه واستعرض الجيش فاجاز من اجاز ورد منهم ما رد وهنا يظهر الايمان الحق وتكون اول حركه للمنافقين يخزل عبد الله بن أُبي ويأخذ معه ثلث الجيش ويرجع الي المدينه بحجة ان الرسول صلي الله عليه وسلم لم يسمع له حين قال لا نخرج من المدينة وانه سمع لغيره من الصحابه اخزله الله وكشفه هو ومن معه وانهم مؤمنين ايمان ظاهري حيث قال الله تعالى فيهم "إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا " ( 122 آل عمران ) .
ورجع عدو الله بثلث الجيش الي المدينة ومضي الرسول بسبعمائة رجل حتي نزلوا بالشعب وجعل ظهره لأُحد وأمَّر رسول الله صلي الله عليه وسلم الرماه وهم خمسين رجل وامر عليهم عبد الله بن جبير وقال لهم ان كانت الدائره علينا او لنا فأثبتوا مكانكم ولا تتحركوا واعطي اللواء لــ ( مصعب بن عمير ) . وجعل ( الزبير بن العوام ) من جهه والجهه الاخري ( المنذر بن عمرو ) .
وكان الكفار ثلاثة الآف وفيهم مائتا فارس وكان ( خالد بن الوليد ) علي الميمنه و( عكرمه بن ابي جهل ) علي الميسره وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " من يأخذ سيفي بحقه " قال ابي دجانه سماك بن خرشه " وما حقه يا رسول الله " قال الرسول صلي الله عليه وسلم " تضرب به في العدو حتي ينحني " فقال يا رسول الله " انا آخذه بحقه " .
وكان رجلٌ شجاعاً يمشي ويتمخطر ويلف عمامته ويمسك بالسيف فقال الرسول صلي الله عليه وسلم " هذه مشيه يبغضها الله إلا في هذا الموقف " .
وكان اول من ظهر من المشركين ( ابو عامر الفاسق ) واسمه ( عبد عمرو بن صيفي ) ويدعي الراهب فسماه الرسول صلي الله عليه وسلم ( الفاسق ) وكان رأس الأوس في الجاهلية .
ولما كان الاسلام جاهر بمعاداته للنبي صلي الله عليه وسلم وذهب الي مكه واخذ يحض قريش علي قتال النبي قاتله الله وابلي يومئذٍ ( ابو دجانه الانصاري ) بلاء حسن ومعه ( طلحه بن عبيد الله ) وأسد رسول الله ( حمزة بن عبد المطلب ) و ( علي بن ابي طالب ) .
بداية غزوة احد :-
دارت رحى المعركه وكانت الغلبه للمؤمنين في اول النهار وعندما رأي الرماه ان المشركين انهزموا وولوا الادبار نزلوا من فوق جبل الرماه ليأخذوا الغنائم وقال لهم من أُمّر عليهم لا تخالفوا أمر رسول الله ولكن دون جدوي .
الهزيمه بعد النصر :-
ونظر ( خالد بن الوليد ) للرماه ولم يجدهم فأتي من خلفهم وحاصر المسلمين وانقضوا عليهم واصبحوا ما بين صربع وجريح .
وصرخ الشيطان فيهم ان رسول الله مات وغارت قواهم وخلص العدو الي رسول الله حتي كسرت رباعيته واخذ يمسح الدم من علي وجهه ويقول " كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم " .
وقام خمسه من الانصار فقاتلوا دون رسول الله حتي قتلوا جميعاً وكان ( ابو دجانه ) ألقي نفسه علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ليأخذ الضربات علي ظهره فداء رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي قيل ان ظهره من كثرة الضربات اصبح كالقنفذ وقاتل ( مصعب بن عمير) رضي الله عنه حتي وافته المنيه وهو يدافع عن رسول الله .
الشهيد حمزه بن عبد المطلب في غزوة احد :-
كان ( حمزه بن عبد المطلب ) رضي الله عنه يتوسط ارض المعركه مرتدياً لباس الحرب وعلي صدره ريشة النعام التي تعود ان يزين بها صدره وكان قد وُكِّلَ لقتل ( حمزه بن عبد المطلب ) رضي الله عنه رجل حبشي يدعي ( وحشي ) وكان ثمن قتله ( لحمزه ) حريته .
وكان عبد ( لجبير بن المطعم ) وكانت ( هند بنت عتبه ) زوجة ( ابي سفيان ) وعدته بعطايا كثيره للانتقام من ( حمزه ) قاتِل اباها وعمها واخاها وابنها وكان دور ذلك الحبشي الظفر برأس حمزه فقط وكان بارع في قذف الحربه وتُهيئ الفرص وكان حمزه بطل شجاع مغوار يرمي بيمينه ويساره .
ولما ترك الفرسان وحصل ما ذكرنا اخذ حبشي حربته ويقول حتي رضيت منها فدفعتها فوقعت في ثنته حتي خرجت من بين رجليه ونهض نحوي فلم يقدر ومات وجاءت هند تمثل ( بالحمزه ) بعد موته وبترت بطنه واخذت كبده لتأكله فلم تستطع فلفظته واخذت ومن معها من النساء يمثلن بالشهداء من اصحاب النبي .
وخرج رسول الله يلتمس حمزه فوجد ما به فحزن عليه وقال لولا حزن صفيه وتكون سُنه من بعدي لتركتك حتي تكون في بطون السباع والطير وتبعث هكذا ولإن اظهرني الله عليهن لامثلن بسبعين منهم " فأنزل الله تعالي " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ " (126 النحل ) ثم امر الرسول صلي الله عليه وسلم ببرده وصلي عليه .
شهداء غزوة احد من المسلمين :-
واستشهد من المسلمين سبعون رجل منهم اربعه من المهاجرين وقتل من المشركين ثلاث وعشرون رجلاً وقال ابو سفيان وهو ينصرف " اعلي هُبَل يوم بيوم " وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( لعمر بن الخطاب ) رضي الله عنه " قل له الله اعلي واجل قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار " ورحل ابو سفيان بالمشركين .
كان عمرو بن الجموح اعرج واراد ان يخرج مع النبي وكان له اربعه اولاد فمنعوه ( ليس علي الاعرج حرج ) وذهب الي النبي وقال له اريد ان اخرج معك اقاتل في سبيل الله واني ارجو ان استشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة فقال الرسول لبنيه " وما عليكم ان تدعوه لعل الله عز وجل ان يرزقه الشهاده " فخرج يوم أُحد وكان شهيداً ( اخرجه احمد ) .
وقال عبد الله بن جحش في أُحد " اللهم اني اقسم عليك ان القي العدو غداً فأموت ثم يبقروا بطني ويجدعوا انفي واذني ثم تسألني فيم ذلك فأقول فيك " ( صحيح ) .
واستشهد ( حنظله بن عامر ) بيد ( شداد بن الاسود ) وكان حنظله " جُنُباً " فأُخْبر صلي الله عليه وسلم ان الملائكه تغسله فسألوا امرأته فأخبرتهم لما نودي للجهاد اسرع للنداء وكان مع زوجته ولم يغتسل .
أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم ( زيد بن ثابت ) يطلب ( سعد بن الربيعه ) فوجده فى الرمق الاخير فقال له " رسول الله يقرئك السلام ويقول لك كيف حالك " فقال له " وعليه السلام قل لرسول الله انى اجد ريح الجنه وقل لقومى من الانصار لاعذر لكم ان أوذى رسول الله وفيكم عينٌ تطرف " .
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ( عتبه بن ابى وقاص ) يوم احد حين كسر رباعيته ودمى وجهه فقال " اللهم لا تحل عليه الحول حتى يموت كافرا " فما حال عليه الحول حتى مات كافرا الى النار وقال الله تعالى "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) " ( آل عمران ) .
ما نتعلمه من هذه الغزوه :-
دروس كثيره (السمع والطاعه ) فحين خالف الرماه الرسول انقلبت الموازين وتحول النصر الى ماذكرنا وان النصر مع الصبر .
وان الله سبحانه وتعالى ظهر مخابئ المنافقين فكشف عن وجههم وما يدسوه فى انفسهم للمؤمنين وان للمؤمنين منازل كرامه عند الله لم يبلغوها بأعمالهم ولكن بالابتلاء والمحن وان الشهاده من أعلى المراتب وان نُلبى نداء الحق وقال الله لهم قال تعالى " وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ " ( آل عمران 139) .
اللهم اجعل لنا مكاناً فى عليين وارزقنا شهادة الصحابه الغر الميامين واجعلنا من ورثة جنات النعيم .
وإلى اللقاء ان قدر الله لنا البقاء مع الجزء الخامس من السيره العطره .
بوابة يقين التعليميه
اقرأ ايضا :-
سيره اشرف الخلق محمد صلي الله عليه وسلم ( الجزء الاول )
سيره اشرف الخلق محمد صلي الله عليه وسلم ( الجزء الثاني )
سيرة اشرف الخلق محمد صلي الله عليه وسلم ( الجزء االثالث )